المختصر في علم التصوف الإسلامي

المختصر في علم التصوف الإسلامي

نظام الدين إبراهيم أوغلو
محاضر في جامعة هيتيت / تركيا
nizamettin955@hotmail.com


مقدمة

كما نعلم أنّ القرآن الكريم قد تطرق إلى العلوم المهمة ولمواضيعها الأساسية، دون أن يعطي للعلوم مسميات وتعريفات ودون أن يحدد لها أصولها وقواعدها وضوابطها وشروطها، بل ترك كل هذه الأمور للإنسان لكي يعقل ويتدبر ويجتهد ويسعى من أجل كشف هذه الحقائق، وبعدها إكتشف الإنسان كافة أسماء العلوم كما هي موجودة في عصرنا الحاضر، والتي وضعت لها بعض الأسس والأصول، وسوف تستمر هذه الإكتشافات أو التجديدات إلى يوم القيامة، لأنّ التحديث من شعار الإسلام.
فعلم التصوف كباقي العلوم لم يذكر إسمه في القرآن الكريم ولكن أكثر علماء الإسلام أقرّوا على جعل التصوف علماً مستقلاً، وذلك لأسباب كثيرة كبقية العلوم.
والهدف المنشود من التصوف هو الزّهد وتزكية النفس والإتصاف بالأخلاق والمباديء السامية كما هو مبين في أخلاق النبي محمد (ص).
علماً أنّ سلوك وأخلاق المرشدين وشيوخهم في التكايا وسلوك مريديهم وما كتبوا في كتبهم المصنفة خير دليل على ذلك.
ولأجل الترقية في التصوف أو الزّهد يكون بالتعلم والتربية وبإطاعة الله ورسوله وبالذّكر والصلاة الكثير وبقلة النوم والأكل. وللتكايا وزوايا العلوم دور مهم في التعلم وفي تربية وتزكية النفوس. وللمتصوفين عدا الزهد والتقوى لهم هدف دعوي فكان لهم الفضل في نشر الدين الإسلامي في كافة أنحاء العالم.
ويمكن تقسيم مراحل التصوف على ثلاثة أقسام:
1ـ التصوف القديم: وهو التصوف التي ظهر قبل الرسالة المحمدية، ويمكن أن نقول أنها كانت فكرة فلسفية هندية قديمة وفكرة الأديان الأخرى السابقة، وكانوا يؤمنون بوحدة الوجود والحلول والفناء. وتلعب هوى النفس عند علماءهم دوراً كبيراً بسبب تحريف أديانهم وإنحرافهم عنه. فأدخلوا إلى التصوف كلّ أنواع البدع والظلالة والشرك.
2ـ التصوف الإسلامي:
التصوف الإسلامي أسس في نهاية الدولة الأموية، وفي فترة زمنية قلبلة حققت الفكرة التصوفية نجاحاً باهراً من أجل تطبيق تعاليم الإسلام من الزهد وتزكية النفس والإتصاف بالأخلاق الحميدة وهم بلا شك مقتفين لآثار رسول الله (ص). وظهر فيهم من العلماء والمرشدين والشيوخ الأجلاء، وأستطاعوا أن يربوا علماء وشخصيات إسلامية عظيمة وقد ذكرت قسماً من هذه الأسماء في بحثي هذا وكتب التاريخ والسير مليئة أيضاً بأسماء هذه الشخصيات. وكانوا مثالاً للأخلاق الحسنة فحققوا أهدافاً إسلامية رائعة لا ينكره التاريخ. وهم مثال الفئة المؤمنة وهم العامل الرئيسي في إلتزام أكثر المسلمين بأخلاق عالية وبهم علت حضارة الإسلام لقرون عديدة وبجهودهم أسلم مسلموا بلاد الصين وشبه القارة الهندية وروسيا ودول أفريقية وأسيوية كثيرة.
وأقول للذين يدعون بأنّ علم التصوف بِدَع وضلالة، بسبب عدم وجوده في عهد النبي (ص). هذا إدّعاء باطل وغير علمي، فلوا قلنا عن أيّ موضوع أو عن أيّ عمل أنه لم يكن في عهد الرسول فهو ضلالة وبدعة، فهذا إدّعاء لا أساس له عند أكثر العلماء.
كما ذكرت أعلاه أنّ الدين الإسلامي أساسه مبنية على التجديد والإبداع والتطوير فالرّسول محمد (ص) جدّد وطّور دين أمته وأخلاقهم ومعيشتهم وملابسهم وطعامهم ونبذ العادات الجاهلية وحتى أنه أضاف أمور كثيرة إلى كتب الأديان السابقة، ومن بعده أشار إلى أنّ تطوير هذا الدين سيكون بيد العلماء العاملين والأولياء الصالحين، فقال النبي (ص) فيهم (العلماء ورثة الأنبياء) وقال أيضاً (إن العالم يستغفر له من في السماوات والأرض حتى النملة)، فالعلماء الأفاضل هم أولى في تطوير العلوم الإسلامية وعاداتهم وتقاليديهم وحتى في إدارة حكمهم وسياستهم وإقتصادهم ونحو ذلك.
فلو قيل أنّ علم التصوف لم يكن في عهد الرسول (ص) فيمكن أن يقول الأخرون أنّ علم الفقه وعلم الحديث وعلم الكلام وعلم التربية وغيرها من العلوم لم تكن أيضاً في عهد الرّسول (ص). وإذا قيل أنّ أكثر علماء وأولياء التصوف مبتدعين أو ظالين، فهذا لا يعني أن نردّ أو ننكر علم التصوف بكاملها. لأننا نجد في بقية العلوم أيضاً وجود مثل هذه الشخصيات.
ويمكن أن نظيف أيضاً أنّ أكثر الدول الإسلامية إعترفوا بهذا العلم وفتحوا لهم أقسام في الكليات الإسلامية أو الكليات الدينية أو الإلهيات وبهذه الوسيلة وصل الكثير من العلماء وأساتذة التصوف.
وأخيراً يمكن القول أنّ علم التصوف موجود، وبدع أكثر شيوخهم في زماننا كذلك موجدة. فماذا يجب على المصلحين النجباء والصالحين من العلماء يجب عليهم تذكير المبتدعين أوامر الله تعالى الصحيحة أو إصلاح أخطاءهم وحتى يمكن تشهير الفسقة منهم، لكي لا يسلك الناس طريق هؤلاء الفاسقين منهم.
3ـ التصوف الحديث.
لقد ظهر بعد سقوط الخلافة العثمانية متصوفين كثيرين، بعضهم طيبين والبعض الأخر منهم الفاسقين وموالين للإستعمار أو الطّاغين. وقد يزداد عدد الطيبين أو ينقص حسب سياسة الحكام وثقافة الشعب.
عندما إستولت الدول الإستعمارية الغربية من الإنكليز وفرنسا وروسيا وأمريكيا على الدول الإسلامية، فرقّوا دول وشعوب المسلمين إلى فرق ودول شتى وزرعوا فيهم بذور الفتن والتعصب المذهبي والطائفي والقومي. وحتى أنهم إهتموا بتشجيع وتعيين الشيوخ الموالين لهم لكي يخدمونهم.
ولكن وجود كل هذه السلبيات، لايعني بأن ننكر من عدم وجود شيوخ وطرق صوفية صحيحة في هذا العصر كما في السابق ليمثلوا الدين الإسلامي، الحمد لله لايزال فيهم الخير بفضل الله تعالى.

الفصل الأول

تعريف علم التّصوف:

يُقال أن مُصطلح التّصوف مشتقٌ من الصّوف، فقد كان لِبسهُ معروفاً قبل الإسلام بين من ينقطع عن الدّنيا للعبادة من الرّهبان النّصارى والأحبار اليهود. أو أنّه مشتقٌ من الكلمة اليونانية (صوفيا) وتعني الحِكمة.
ويمكن تعريفهُ: بأنه الإلتزام بالإسلام والعمل بالتّنزيل والخوف من الجليل والإستعداد ليوم الرّحيل.
ويمكن أن نقول أنه (علم الأخلاق)) (Moral Philosophy أي العلم الذي يبحث في الجانب الأخلاقي والعاطفي من الثّقافة الإسلامية من تزكية النفوس وتصفية الأخلاق وتعمير الظّاهر والباطن. وهم يدّعون أنهم خواص الحضرة وأهل المشاهدة والمكاشفة وقد ثبت عندهم الصدق في كل أعمالهم النّظريّة والعلمية.
ويمكن تعريفه أيضاً: أنه ذكرُ الله كثيراً وعدم الغفلة عنه مطلقاً ويكون هذا في كل مكان وزمان مثلاّ في الجامع والشارع والدائرة والمعامل والمصانع والسّفر والبيت وفي مجالس الذّكر، وأنه أيضاً خلوةٌ وتقشفٌ وزهدٌ.
وطرق تّوصلهم إلى الله تعالى تكون : بالتّوبة والخوف والرّجاء والصّدق والإخلاص بالإضافة إلى العبادات الكثيرة والمحاسبة النفسية في كافة أعمالهم كما أمرنا الله.
وأخيراً يمكن القول أنّ الذين يرفضون هذا العلم، إنْ قبلتم هذا العلم الإسلامي أو لم تقبلوا فهو موجود منذ قرون عديدة. وقد أقرّت أكثر الجامعات الإسلامية بتدريسه وله إختصاصاته وتخرج من هذه الجامعات الكثير من الأساتذة العظام، وله أصوله علمه وفلسفته مثل بقية العلوم فهو العامل المهم في تربية وتزكية النفوس. لقد أجريت تطبيق هذا العلم على النفوس البشرية من قبل شيوخ ومريدي هذا العلم وحصلوا على إعجاب وتقدير الشعوب. ولكن في نهاية سقوط الدول العثمانية وضعف شيوخ ومرشدي هذا العلم وعدم تطوير أنفسهم أمام الموجة العلمية والثقافية الهائلة الأتية من بلاد الغرب، وحتى أن بعضهم بدأوا يعملون مع الطاغين والإستعمار بالإضافة إلى ذلك أدخلوا أيضاً بعض البدع منها الموسيقى التصوفية الإسلامية وغيرها من البدع فهذا لا يعني أننا لانعترف أو نرفض هذا العلم ونتهم أعمالهم كافة بالشعوذة وبالبدع والضلاّلة. فلو نظرنا إلى بقية العلوم سنجد نفس الشيء عندهم أنظروا إلى كتب التفسير والفقه والحديث والفلسفة ونحو ذلك ستجدون العجب والبدع سواء في الكتب الحديثة وحتى القديمة.

أساس التصوف :

"يعد مبحث التصوف من أهم المباحث التي يستند إليها الفكر الإسلامي إلى جانب علم الكلام والفلسفة. وقد أثار التصوف الإسلامي جدلا كبيرا بين المستشرقين والباحثين العرب والمسلمين حول مفهومه ومواضيعه ومصطلحاته ومصادره وأبعاده المنهجية والمرجعية.
ويرتكز التصوف الإسلامي على ثلاث مكونات أساسية وهي: الكتابة الصوفية، والممارسة الروحية، والاصطلاح الصوفي.
1ـ المجاهدات وما يحصل من الأذواق والمواجد ومحاسبة النفس على الأعمال لتحصل تلك الأذواق التي تصير مقاما ويترقى منه إلى غيره.
2ـ الكشف والحقيقة المدركة من عالم الغيب مثل: الصفات الربانية والعرش والكرسي والملائكة والوحي والنبوة والروح وحقائق كل موجود غائب أو شاهد وتركيب الأكوان في صدورها عن موجودها وتكونها.
3ـ التصرفات في العوالم والأكوان بأنواع الكرامات.
4ـ ألفاظ موهمة الظاهر صدرت من الكثير من أئمة القوم يعبرون عنها في اصطلاحهم بالشطحات تستشكل ظواهرها فمنكر ومحسن ومتأول".
ويعني هذا أن التصوف ينبني على أربعة مقومات جوهرية، وهي: المجاهدات، والتجليات الغيبية، والكرامات، والشطحات.
لقد دافع ابن خلدون عن أصحاب المجاهدات والتجليات الغيبية والكرامات الخاصة بالمتصوفة والأولياء الصالحين وميزها عن المعجزات الخاصة بالأنبياء، كما اعتبر صاحب الشطحات معذورا، لأنه يكون في حالة سكر وانتشاء ذوقي لايعي مايقوله أو ما يردده من أقوال أو ألفاظ أو مرويات.
ويمكن القول بأن التصوف عبارة عن رحلة روحانية أو سفر معراجي له بداية ونهاية ووسط، فالبداية هي التطهير والهروب من الدنيا الزائفة، والوسط هي الخلوة والرياضة الروحية والمجاهدة الصوفية، أما النهاية فهي اللقاء والوصال اللدني. تمتاع بالصفاء النوارني والاحتماء بالحضرة الربانية وصالا ولقاء" .

معنى التّصوّف وحُدوده:

ينبغي أن يُفهم جيداً أن التصوف لا يعني الزّهد في الدنيا أو تزكية النفس وتصنيفها، وإنما هو فلسفة كاملة شاملة وعقيدة لها معالمها الخالصة بها. ولم يكن المتصوفة المسلمون هم أول من إبتدعوا التصوف وإكتشفوه، بل هو فكرة فلسفية قديمة جداً، كان لها أتباعها في اليونان والهند والصين وفارس. وكان في البوذية والهندوسية واليهودية والنصرانية متصوفتها الخاصة بها. ولم يوجد التصوف بين المسلمين إلاّ بعد ترجمة كتب الفارس واليونان والهنود إلى العربية. والدارس لعقائد الصوفية يجد لها أصلاً في الدّيانات السماوية والوضعية الأخرى. "فوحدة الوجود" عند المتصوفة مستمدة من الهندوسية،" والحلول والفناء" في ذات الله مستمد من النصرانية حول عيسى ومكانته في الدنيا. واستمع إلى شيخ الصوفية الأكبر يتكلم عن التثليث كلاماً مشابهاً للنصارى: إعلم وفقك الله أن الأمر كله "يعني الخلق" مبني نفسه على الفردية ولها التثليث، فهي من الثلاثة فصاعداً. فالثلاثة أوّل الأفراد وعن الحضرة الإلهية وجد العالم. أما التفرقة بين الحقيقة والشريعة أو بين الظاهر والباطن، فقد أخذه المتصوفة عن الشيعة. وتأثروا بهم كذلك فيما يخص التأويل .

أقوال العلماء على علم التّصوف:

قال السّيوطي في (النقابة) : التّصوف تجريد القلب إلى الله تعالى .
وقال القشيري : انفرد خواص أهل السّنة الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التّصوف .
وقال السّبكي في كتاب (معيد النّعم) : وللصوفيين أوصاف وأخبار اشتملت عليها كتبهم .
وقال الصوفي جنيد البغدادي : أن أركان التصوف هو : الذّكر الدّائم والطّهارة الدّائمة والصّوم الدّائم والمراقبة الدائمة.
وقال غيرهم : أنه تربية للنفس وترقيتها من النفس الأمارة الى النفس اللّوامة ثمّ النفس المطمئنّة ثمّ النفس الرّاضية ثم النفس المرضيّة فالنفس الكاملة .

أنواع أو مواضيع علم التّصوّف عند العلماء:

1ـ التصوف الفلسفي: القائم على فكرة الحلول والفناء ووحدة الوجود، وهذا مرفوض في الإسلام، ويمثله الإمام الغزالي.
2ـ التصوف الإسلامي: الذي تخدم العقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية، التصوف فيها خُلُق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف، ويمثله الحارث المحاسبي...؟ (قال فيه إبن القيم في المدارج).
3ـ التصوف الهندي المسيحي الأفلاطوني الحديث: ويمثله إبن عربي وإبن سبعين والحلاّج....
4ـ التصوف التربوي: وهو الذي يعنينا نحن المسلمون في هذا العصر، مثل وحدة الأديان والتصرف في الكون (هم أولياء وخليفة الله) وعلوم المتصوفة (أنه علم الباطن أو علم الحقيقة) الحقيقة المحمدية وتقديس المشايخ وأدب الصوفية مع الله والغناء والرّقص والصوفية والمردان وكرامات الصوفية (كل ذلك مردود في الإسلام) .

أطوار التّصوّف:
1ـ التصوف العيسوي: رئيسهم سهل بن عبد الله فهو تصوف الرياضيات والتقليل من الأكل تدريجياً.
2ـ التصوف الفكري: فهو التصوف القلبي بالذكر والإستغراق مع عدم حرمان النفس من حلالها فيبتدئ من عصر الشاذلي.
3ـ التصوف التقليدي: محاكاة لإحدى الطريقتين من غير إستفراغ الجهد.
4ـ التصوف المحمدي: أي الإسلامي فهو أسلم مناهج التصوف وصالح في هذا العصر ويبدأ بالتوبة والإتجاه إلى السنة ومشاهدة القلب مباشرة دون الشيوخ .

وحدة الوجود:

وهي مرفوض في الإسلام

تعريفه:
يعتقد المتصوفة أنه ليس هناك موجود إلاّ الله، وما هذه المخلوقات إلاّ مظاهر لحقيقة واحدة هي الحقيقة الإلهية. فالمخلوقات جميعها صفات لله تعددت لتعريب عن الصفات الكثيرة له، فلا فرق ولا مغايرة بين الخالق والخلق . أي أنهم يدعون بأن الإنسان حمل نفس صفات الله تعالى ليظهر الصفات الجميلة للحق من أولها إلى أخرها. ومن شيوخهم أبن العربي، وعبدالكريم الجيلي، وغيرهم.
الحُلول والفناء في الله:
تعريف وحدة الوجود: المراد به الفناء في ذات الله وإضمحلال الذات البشرية بالذات الإلهية. وهو عقيدة ذات أصل هندوسي ونصراني وكان أول من نادى بها من المتصوفة الحسين بن منصور الحلاج، الذي لقبه الصوفية بشهيد العشق الإلهي. وقد أجمع علماء مصر على إباحة دمه، وكذلك إبن فارض. ثم أن الفناء في ذات الله غاية الغايات عند معظم المتصوفة .

أراء الإمام الغزالي على وحدة الوجود والحُلول أو الفناء:
أـ إيمانه بوحدة الوجود وبالحلول: فيقول: الكل من نوره، بل هو لا هوية لغيره إلاّ بالمجاز. بل كما لا إله إلاّ هو، فلا هو إلاّ هو. ويؤكد الغزالي إيمانه بالحلول بين الخالق والخلق وفناء المخلوق في الخالق فيقول: " له نزول إلى سماء الدنيا، وأن ذلك هو نزوله إلى إستعمال الحواس، وتحريك الأعضاء، وإليه الإشارة بقوله عليه لسلام صرت سمعه..... الحديث فهو السامع والباصر والناطق إذن لا غير".
ب ـ إعتراض الغزالي وإنتقاده لتوحيد الرسل والأنبياء: يرى أن توحيد الرسل هو توحيد العوام ويؤكد على تقسيم المتصوفة للتوحيد مخالفاً بذلك إجماع أهل السنة والجماعة في تقسيمهم للتوحيد، إلى أربع مراتب... والثانية أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه، كما صدق به عموم المسلمين وهو إعتقاد العوام! والثالثة: أن يشاهد ذلك بطريق الكشف، والرابعة: ألا يرى في الوجود إلاّ واحداً وهي مشاهدة الصّديقين، ويسميه الصوفية الفناء. وهذه هي الغاية القصوى في التوحيد، فلا يرى الكل من حيث أنه كثير بل من حيث أنه واحد . ويتابع وصفه لتوحيد الرسل والأنبياء والمسلمين بأنه توحيد العوام فيقول: " لا إله إلاّ الله توحيد العوام، ولا هو إلاّ هو توحيد الخواص، لأن ذلك أعم، وهذا أخص وأشمل وأحق وأدق وأدخل بصاحبه في الفردانية المحصنة والوحدانية الصرفة" .

هدف الغزالي من الحياة:
عندما خرج من بغداد وتحرك إلى نيسابور سنة 499 هـ قال: وأمنيتي، يعلم الله ذلك مني وأنا أبغي أن أصلح نفسي وغيري، ولست أدري أأصل إلى مرادي؟ أم أخترم دون غرضي؟ ولمنّي أؤمن إيمان يقين ومشاهدة أنه (لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم) وأني لم أتحرك لكنه حرّكني، وأني لم أعمل لكنه إستعملني فأسأله أن يصلحني أولاً ثم يصلح بي ويهديني ثم يهدي بي وأن يرزقني الحق حقاً ويرزقني إتباعه ويريني الباطل باطلاً ويرزقني إجتنابه.

الفصل الثّاني

الطرق الصوّفية المشهورة:
كما نعلم أن التصوف والطريقة ظهرت في العهد العباسي ومع ظهور الدولة السلجوقية، وإتخذت طابعاً دينياً جديداً، وشعارهم: المعرفة بالشريعة ثم بالطريقة ثم بالحقيقة. وقال (ص) (إتّقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) رواه الترمذي. ومع الأسف الشديد وبعد سقوط الدولة العثمانية دخلت الصوفية في سياسة الدولة، وبدأ بعض دول الإستعمار وحتى الطغاة من الحكام بإغراء قسماً منهم مقابل تمشية بعض مصالحهم السياسية. ومن الطرق الصوفية الطيبة:

1ـ الطّريقة القادريّة:
نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني توفي عام 1160م في بغداد إسمه أبو سعيد مبارك بن علي المحزومي، وهو من المذهب الحنبلي، يستعملون الذّكر الجهري في عبادتهم، له مريدون من أندونوسيا وباكستان إلى المغرب والعراق وتركيا. وفي الأونة الأخيرة دخلت فيها بدع كثيرة خرجوا عن منهج الشيخ عبد القادر بشكل واسع. ومن مؤالفاته: الغُنية، فصولات الرّبانية، فتح الرّبانية، فتوح الغيب.

أوراد الطريقة القادرية كالأتي:
1ـ حسبُنا الله ونعم الوكيل (مائتي مرة) .
2ـ أستـغفر الله العظـيم (مائتي مرة) .
3ـ لا إله إلا الله الملك الحـق المبين (مائتي مرة) .
4ـ اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (مائتي مرة) .
وتزيد بعد الفجر والمغرب
1ـ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (سبعاً) .
2ـ اللهم يا لطيف أسألك اللطف فيما جرت به المقادير (سبعاً) .
3ـ اللهم يا واحد يا أحد يا موجود يا جواد انفحني بنفحة خير منك تغنيني بها عمن سواك (سبعاً) .
4ـ اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت (أربعاً وعشرون) .
5ـ اللهم صلي على سيدنا محمد وارضىَ على روح غوث الثقلين سيدي الشيخ عبد القادر الجيلي وارضىَ عن شيخي وعن أشياخي أولهم وأخرهم واجزهم عني خيرا (ثلاث مرات) .
6ـ اللهم إني أعوذ بك من كـُلَ صاحب يرديني ومن كـُلَ أمل يغويني ومن كـُلَ عمل يخزيني ومن كـُل غني يطغيني ومن كـُل فقر يلهيني اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزَن وأعوذ بك من الجُبن والبُخل وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من غلبة الدين و قهر الرجال وأعوذ بك من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ونفس لا تقنع وعلم لا ينفع وأعوذ بك من هؤلاء الأربع .

2ـ الطّريقة النّقشبنديّة:
نسبة إلى الشيخ بهاء الدين نقشبندي توفي في بخارى عام 1389م كانوا يستعملون الذّكر الخفي في عبادتهم، جلب هذه الطريقة لأول مرة إلى أناضول الملا إلهي توفي عام 1491م، وإلى العراق مولانا حالد البغدادي عام 1826م. مؤلفاته: تنظيف الظاهر بالشريعة، تنظيف الباطن بالطريقة، الوصول إلى الله بالحقيقة الكبرى، الوصول إلى الله بالمعرفة. وشيخهم في سنة الألفين هو الشيخ عثمان بيارة رحمه الله لقد توفي في إسطنبول ودفن هناك. بدعهم أقل من الطرق الأخرى.

أوراد الطريقة النقشبندية بعد الصلوات الخمسة كالأتي:
1ـ ثلاث صلوات شريفة. 2ـ مائة إستغفر. 3ـ 21 يا سلام يا هادي. 4ـ ثلاث صلوات شريفة أخيرة.
أوراد الرابطة اليومية الجماعية:
1ـ الصلاة ويكون إما ركعتان من النوافل أو بعد صلاة الفرائض. 2ـ 15 صلوات شريفة.
3ـ 15 أستغفر الله العظيم. 4ـ قراءة سورة الفاتحة مع الإخلاص (ثلاث مرات). 5ـ رابطة الموت. 6ـ رابطة الشيخ أي التفكر بأحواله ثم التفكر بالرسول (ص) ومن ثم التفكر بعظمة الله تعالى.

3ـ الطّريقة الرّفاعيّة:
نسبة إلى الشيخ أحمد الرفاعي، جاء من إيران وتوفي عام 1183م في بصرة العراقية، كانوا يستعملون أثناء عبادتهم السيوف في قطع أعضاء الجسم وزرق الرماح والسكاكين على الأجسام وأكل الزجاج والمشي على النار. ويدّعون أن عملهم هذا كرامة إلهية للشيخ لأجل إقناع الكفار على وجود الله تعالى. كلها بدع لا يقبلها الدين الإسلامي. وبعملهم هذا حرجوا عن مسار الشيخ الرفاعي.
أوراد الطريقة الرفاعية:
قراءة سورة : الفاتحة (7) مرات، وآية الكرسي (7) مرات، وسورة الكافرون (7) مرات، وسورة الإخلاص( 7) مرات ، وسورة الفلق (7) مرات، وسورة الناس (7) مرات. وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (7) مرات، واللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي المليح، صاحب المقام الأعلى واللسان الفصيح، وعلى اله وأصحابه أصحاب المدد العالي والقدم الصحيح، أمين (7) مرات. واللهم اغفر لي ولوالدي وما تناسل منهما ولاهلينا وللمؤمنين والمؤمنات، ولمشايخنا ولإخواننا الأحياء منهم والأموات، وألحقنا وإياهم بعبادك الصالحين. (7) مرات. واللهم افعل بي وبهم عاجلا وآجلا في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل، ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل، انك غفور حليم ، جواد كريم ، رؤوف رحيم. (7) مرات.
نفعنا وإياكم بها، في الحالين، وجعلنا ، من أهل اليقين. آمين.

4ـ الطريق المولوية:
نسبة إلى مولانا جلال الدين بن بهاء الدين الرومي توفي عام 1273م بقونيا التركية، من أساتذته شمس الدين تبريزي، كانوا يستعملون الحركات التعبدية الخاصة (حركة الدوران) في كافة أذكارهم، يهتمون في ذكرهم على الموسيقى التصوفية، دخلت في هذه الطريقة أيضاً بدع كثيرة كالغناء والدبكات، فخرجوا عن منهج مولانا. ومن مؤلفاته: ديوان الكبير، في ما في.

5ـ الطّريقة الباطنيّة:
وهم يدعون أنهم أهل الحق لأنهم من سلالة الرسول (ص) ولهم العصمة لله ويرون الحقائق بنظر عيونهم وحاستهم الباطنية، وفيها أيضاً كثيراً من البدع وهم خارجون عن طريق الرسول (ص).

6ـ الطّريقة الشّاذليّة:
نسبة إلى مؤسسها الشيخ أبي الحسن الشاذلي، ظهر في بلاد المغرب ثم سافر إلى مصر مع تلاميذه جنوب أفريقيا وتوفي عام 1258م في مصر، واستوطنوا مدينة الإسكندرية حوالي سنة 642ھ/1243م وكونوا بها مدرسة صوفيّة. وكان من أشهر تلامذة أبي الحسن الشاذلي الشيخ أحمد أبي العبّاس المرسي الّذي خلفه وتولى قيادة الطريقة الشاذليّة حتّى وفاته بالإسكندريّة سنة 686 ھ/1284م، ثمّ خلفه تاج الدين بن عطاء الله السكندري المصري الّذي ألّف في مناقب شيوخه كتاب لطائف المنن. وله خمس كتب.

7ـ الطّريقة البيراميّة:
نسبة إلى الحاج بيرام ولي توفي عام 1430م، في أنقرة إسمع نعمان ولي، أكمل دراسته في بورصة وأنقرة.

8ـ الطّريقة البكتاشيّة:
نسبة إلى الحاج بكتاش ولي، توفي عام 1271م، وهو من أهل خرسان سافر إلى أناضول، إلاّ أن طريقته إختلط بطريقة الباطنية والخرافية والعلوية والمسيحية والشامنيزية. له كتاب المقالات باللغة العربية.

9ـ الطريقة البدوية: نسبة إلى رئسهم أحمد بن علي البدوي ولد في فاس وهاجر إلى مكة ومصر والعراق وتوفي عام 1278م.

10ـ بقية الطرق الصوفية:
الطريقة الجلوتية، الدسوقية، الأكبرية، الخلوتية، الكُبروية، المدينية، اليسوية، السهروردية، السعدية .

العِبادْ في نظر القرآن الكريم:

أـ المسلمون: ويمكن تقسيمهم إلى خمسة أقسام: وهي كالأتي:
1ـ الأنبياء والشّهداء والصّديقون.
2ـ الأولياء والمتقون والصالحون.
3ـ المؤمنون والعابدون والمحسنون.
4ـ الجهلة بالدين الإسلامي وضعفاء الإرادة وذات الأخلاق السّيئة. إما لأسباب سياسية أو صحية أو إقتصادية، وأعدادهم كثيرة وخاصة في الدول الإسلامية و في الدّول النّامية الأخرى.
5ـ الفاسقون والعاصون والملحدون.

أصناف المتّقون:

هدفنا من كافة الأبحاث هو كيفية وصول الشخصيات البارزة المتقية في الدول الإسلامية سواء كانت وصولهم عن إستصحابهم الأنبياء كأصحاب النبي محمد (ص) أو إستصحابهم العلماء والأولياء وكيف أنهم نشاؤا سواء في زوايا ومدارس العلوم الفقهية أو تكايا ومدارس العلوم الصوفية أو عن طريق مدارس وجامعات إسلامية حديثة. ومن الشخصيات:
1ـ الخلفاء والأمراء والقادة الصّالحون: كتب التاريخ مليئة بأمثالهم من آدم ونوح إلى داود وسٍليمان ويوسف ومحمد عليهم السّلام والخلفاء الرّشدين وأكثر حُكّام الأمويّين والعبّاسيين والعّثمانيّين.
أما في العصر الحديث وإن قلّ عددهم قد نجد ظهورههم بين حين وأخر مثل عبدالسلام عارف رئيس جمهورية العراق سابقاً والزعيم عمر علي (قائد عسكري تركماني عراق الذي فتح فلسطين في حرب 1948 وبعد خيانة الرؤساء والملوك أجبره بالرجوع منها)، وضياء الحق في باكستان وعمر البشير رئيس الجمهورية السودانية وحسن الترابي رئيس وزراء السابق في السودان والملك فيصل بن عبدالعزيز ملك السعودية السابق وملك حسن أخو الملك حسين ملك الأردن السابق، وطرغت أوزال رئيس جمهورية تركيا السابق ونجم الدين أربقان رئيس وزراء تركيا السابق والمجاهد عبدالله يوسف العزام في فلسطين وعزة بوكوفيج في بوسنة هرسك وحسن البنا في مصر. ونحو ذلك في بقية الدول الإسلامية من أندنوسيا وماليزيا.
2ـ الفقهاء والعُلماء العاملون : يتدرّجون عن طريق المدارس العلميّة والإجتهاد الكثير. لابأس بهم في الدول الإسلامية، وهم المستهدفين دائماً من قبل رؤساء وزعماء الدول الإسلامية بشكل خاص ومن قبل الدول المستعمرة بشكل عام. كثيرة منهم: أحمد الكبيسي وعبدالكريم زيدان والشيخ إبراهيم النعمة في العراق وبديع الزمان سعيد نورسي في تركيا والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ أبو اسحاق الحويني في السعودية والشيخ عثمان الخميس وعبد الله النفيسي في الكويت وراشد غنوشي في تونس ومنير شفيق في لبنان ومحمد عمارة في مصر والعلامة يوسف القرضاوي من مصر مقيم في دولة قطر وقاضي أحمد حسين والإمام الممدودي في باكستان وأبو الرضاء محمد نظام الدين الندوي في بنجلادش ونور هدايت واحد في أندنوسيا وسعيد رمضان البوطي في سوريا ونحو ذلك.
3ـ الأولياء الصالحون: وقد يكونوا أميين، وهم أصحاب التّفكر والكشف والفطرة السّليمة وأصحاب الفراسة. والنّبي الأميّ محمد (ص) قبل نبّوتهِ كان من الأولياء والصّالحين، وحتى هناك الأعرابي الأميّ الذي أثبت وجود الله تعالى بأثار الله كان من أولياء الله، ويمكن أن نجد في كتب التّاريخ أعداد هائلة من هؤلاء، وأكثرهم لم يأخذوا العلوم التّقليديّة، وقال (ص) فيهم (من عادى لي وليّاً فقد أذنتهُ بالحرب) حديث قدسي رواه البخاري. وهم محاربون أيضاً في كافة الدول الإسلامية. وقد ذكرت قسم منهم في بحثنا هذا.

للإنسان أولياءه في الدنيا: ومن هذه

1ـ أولياؤهم من الشّياطين: قال الله تعالى (إنّا جعلنا الشّياطين أولياء للّذين لا يؤمنون) الأعراف، 27. (فقاتلوا أولياء الشيطان) النساء 76.
2ـ أولياؤهم هو الله عز وجل: قال الله تعالى (ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولاهُم يحزنون) . (والله وليُّ المؤمنين) .
3ـ أولياءهم من الرسل والمؤمنون: قال الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ) . (إنّما وليّكم الله ورسولهُ والّذين آمنوا الّذين يُقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون) . (إنّ أولياؤه إلاّ المتّقون) .
4ـ أولياؤهم من الكفار والفساق: وهؤلاء أعداء الله وعدوّكم. آية على ذلك (قُل أفإتّخذتم من دونهِ أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً) . (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ) .

صفات أولياء الله:

يُمكن تلخيص ذلك: أنهم يطبقون القرآن والسُّنة بأفضل شكلها، ونذكر من بعض هذه الصّفات :
1ـ الإيمان المطلق لله تعالى ولملائكتهِ ولرسلهِ وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشرّهِ.
2ـ الشّكر على النّعم في كلّ آنٍ وفي كل الأحوال، والصّبر على البلاء، والتّوبة من كلّ ذنب.
3ـ قول كلمة حقٍّ عند سلطان جائر، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وعدم الخوف لومة لائم.
4ـ الحُب والبغض لأجل إرضاء الله تعالى لا لأجل المصالح الشخصية كما قال الله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ..
5ـ التّواضع والرّحمة والعطف والإحترام، وحبّ الخير، والمراقبة والتّفكّر.
6ـ المُحافظة على الفرائض والسّنن والآداب وكذلك الخشوع في الصّلاة وبالجماعة، وقيام اللّيل، والصّوم الدّائم، والذّكر الكثير، وقراءة القرأن.
7ـ عدم الكذب وشهادة الزّور والرّياء والكبر والحسد والحقد والظّلم والغيبة.
8ـ الصّدق الإخلاص والنّيّة الصّالحة مع الله تعالى.
9ـ الكرم والجود والإنفاق في سبيل الله.
10ـ رعاية حقوق النّفس والأولاد والزّوج والجيران والأقارب والمجتمع والدّولة.

ب ـ المُنافقون: أو المتذبذبون والمراءون ويّمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام وهي:
1ـ المشغولون بإطفاء نور الله وبهدم الدّين الإسلام الحنيف، بالمال والنّفس وبكافة أساليب المكر والخداع والقتل والتّدمير. يتحركون على شكل أفراد أو جماعات. وهم أشدّ عذاباً وإثماً من الكفار والمشركين.
2ـ المشغولون بإستغلال ثروات العالم، يتحركون على شكل أفراد أو جماعات، فيُبيحون القتل الجماعي للشعوب المخلصة، وبهدم كافة مؤسّسات الدّولة وخاصّة الإقتصاديّة والصّحيّة والإجتماعيّة ونحو ذلك.
3ـ المشغولون بمصالحهم الفرديّة أو الأسريّة. عندهم مرض حب الذات، ولا يهمهم غيرهم.

ج ـ الكافرون: ويّمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام: وهي كالأتي:
1ـ الطّاغون والجبّارون والظّالمون.
2ـ المشركون والمرتدّون والملحدون.
3ـ الفاسقون والعاصون والمراءون.

التّفكّر والعُزلة في التّصوف:

المسلم الملتزم الذي يريد عيش الإسلام الصحيح كما أراد الله منا، عليه أن يجمع ساعات من العزلة والخلوة يحاسب فيها النفس من الأخطاء التي قد إرتكبها، وأن يراقب الله تعالى، ويفكر في خلائق ومظاهر الكون ودلائل عظمة الله تعالى طاعة له. لأنه سنة رسول الله (ص) وحققه الصحابة والأولياء الصالحون وكثير من المسلمين. فالرسول (ص) كان يعتكف قبل وبعد النبوة في غار حراء. وفي حديث عن أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله، أي الناس خيّر؟ قال (ص) (رجل يجاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره). وعن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله، ما النجاة؟ قال (ص) (أملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وإنك على خطيئتك)، وقال (ص) (تفكر لله ساعة خير من عبادة سنة). (ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه). وقال عمر (رض) (خذوا بحطكم من العزلة). وقال داود الطائي "فرّ من الناس كما تفرّ من الأسد". قال أبو الدّرداء (رض) (نعم صومعة المرء المسلم بيته، يكفّ لسانه وفرجه وبصره، وإياكم ومجالس الأسواق فإنها تلهي وتلغي).

لذات الدنيا السبع:

ملذات الدنيا يمكن إيجازها بما يلي: المأكل والمشرب ـ المنكح ـ المسكن والمركب ـ المشوم (الشم) ـ المسموع ـ المبصر.
فلو قمنا بإحصاء أنعم الله تعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى: من كسب العلوم والمعارف والأخلاق الحسنة والإيمان والصحة والعقل السليم والجسم السليم وحب المال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيول المسومة والشهرة والمقام والأولاد...

عناصر التّصوف للوصول إلى المقام:

1ـ الحال أو المقام: قد يأتي بالحسن والجمال وهي مؤقتة أو بالعبادة وهي دائمية.
2ـ المعرفة: وقد يصل إليه العارف بها.
3ـ الفتح أو الفيض: ويكون الفتح الأول هو القلب ثم يطّور أفاقه.
4ـ الرؤيا: أحد مصادر العلم عندهم.
5ـ الإنسان الكامل.
6ـ ختم الولاية: أي يكون وليّاً وكيلاً لله تعالى.
7ـ الكرامات .
8ـ فناء وبقاء: أي الفناء في الدّنيا والبقاء في الأخرة .
9ـ جمع وفرق (سُكر وصحو): والجمع معناه العبد يجتمع مع الله في الأحوال، والفرق : معناه الرّجوع إلى الحالة الإعتيادية .
10ـ الشّطحية ( الشّطحات ): وقد يكون إلهي أو حالة إرهاق نفسي .
11ـ العشق : إي العشق الإلهي.
12ـ القلب : أي القلب السّليم (يوم لاينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم) الشّعراء 88 .

مراتب الشّيوخ في التّربية والتعّليم:
1ـ المرشد الكامل: أي بير (البير الأول). 2ـ الشّيخ: المرشد أو (الخليفة). 3ـ الدّرويش، المُريد: أي المنتسب إلى الطّريقة. 4ـ الأويسية : نسبة إلى أويس القرني، أي الذي تربى على شيخ لم يره أو تربى على تربية أويس القرني.

درجات تربية النّفس في التّصوف :

1ـ النّفس الأمّارة : وتُسمى أيضاً بالنّفس النّاطقة، تأمر بالسّوء والفحشاء والشّهوات، وهي في مقام الظّلمات .
2ـ النّفس اللّوامة : تتقلّب وتتلوّن وتَلوم نفسها، وهي في مقام الأنوار .
3ـ النّفس المُلهمة : تكون مشغولاً بحُبّه لله تعالى وبأسمائه وبصفاته وفي لسانه لا إله إلاّ الله، وتُطبّق شريعة الله، وتكون في مقام الأسرار .
4ـ النّفس المُطمئنّة : وهي المُطاعة لأوامر الله تعالى، ويُحب رسول الله ، وهي طريق الأولياء، ومن صفاته: السّخاء، الإيثار، التّوكل، التّفويض، الصّبر، الحُلم، التّسليم، الرّضاء، الصّدق، الرّفق، البشاشة، الشّكر، الثّناء والعبادة، وتكون في مقام الكمال .
5ـ النّفس الرّاضيّة : وهي تكون في حالة الفناء لله، وقد رضيَ الله عنه وترجع إلى ربه راضية، ومن صفاته : الورع الخُلص، المحبّة، الأنس، الحضور، الكرامة، التّرك (الدّنيا)، النّسيان (لغير الله) وهي تؤمن بالقدر ولاتشكوا على حاله، وهي في مقام الإلتقاء .
6ـ النّفس المرضيّة : وقد رضي بالله ربّاً، وأينما تكُن تكون الله معه، وترجع إليه وهو مرضيّ عنه، ومن صفاته : تُفتح غشاء حواسه فتسمع أُذنيه به أوبحاله، وترى عينه بحاله، وتتكلّم بلسان حاله، وتمشي بحاله، فيكون الله في قلبها، وهي في مقام تجلّي الأفعال.
7ـ النّفس الكاملة : وهي تكون المرشد الكامل وصاحب الكرامات ، وقد وصل بعد مرورٍ من علم اليقين وعين اليقين إلى حقّ اليقين وفي طريقه إلى الكمال، وهي في مقام تجلّي الصّفات والأسماء.

أعلام الصّوفيّة كثيرة أذكر المشهورة منها:

1ـ رابعة العدوية. 2ـ سيدة نفيسة. 3ـ الإمام السيوطي. 4ـ إبن عطاء الله. 5ـ الشيخ الأكبر محي الدين إبن عربي. 6ـ الحلاّج. 7ـ بشر الحافي. 8ـ الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي. 9ـ الإمام أبي حامد الغزالي. 10ـ إبن الفارض. 11ـ يونس أمره. 12ـ جنيد البغدادي. 13ـ جلال الدين الرومي. 14ـ أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد الشعراني. 15ـ عبد الكريم بن هوزان القشيري. 16ـ أبو طالب محمد بن علي المكي. 17ـ أحمد التيجاني. 18ـ أحمد بن عجيبة. 19ـ أبو يزيد البسطامي. 20ـ عبد الكريم الجيلي. 22ـ الشيخ عبد القادر الجيلاني. 23ـ الشيخ شاه نقشبند. 24ـ الأمير عبد القادر الجزائري. 25ـ الشيخ معروف الكرخي. 26ـ عبدالقادر الخطيب. 27ـ إبراهيم بن أدهم. 28ـ إبراهيم الدّسوقي. 29ـ الشيخ شامل في القفقاس. 30ـ الشيخ عثمان بيارة في العراق.

تمام السّعادة تتم بالسّيطرة على ثلاثة أشياء:

1ـ السيطرة على قوة الغضب. 2ـ السيطرة على قوة الشهوة. 3ـ السيطرة على قوة العلم والإيمان على ضوء ميزان الإسلام.
لأنّ الإفراط في هذه الأمور معناه الوقوع في الأخطاء الكثيرة، كما في بقية الأعمال والسلوك .

معايير المتصوفيين لأجل تهئة وضبط النفس للحياة الدّنيوية والآخرية:
المعيار الناجح التي يستند إليه الإنسان في الحياة اليومية وقد أمره الله لنا كما نعلم هو القرآن الكريم والسنة النبوية. ولأجل توضيح هذا المعيار نستدلي بمثل للدلالة على ذلك، عند تشغيل المصنع أو أي مؤسسة تجارية إذا أردنا نجاحها وربحها فماذا يجب علينا من العمل:
1ـ السعي أي إشتغال العمال بجد وإخلاص وعدم تكاسلهم وتقاعسهم في العمل.
2ـ أن تكون فيها نظام وقوانين ومناهج العمل، بالإضافة إلى مراقبين ومفتشين يراقبون عمل العاملين والموظفين.
3ـ أن تكون فيها نظام العقوبات والمكافأت والترفيع لمن يستحق، وكل حسب جهده وعمله.
4ـ ولأجل الربح والنجاح أو الخسارة والفشل في المؤسسة، علينا أن نعرف نسبة الربح السنوي، رأسمال الشركة مع الجهد لو فرضناهما بنسبة 100 فعلى الشركة أن تربح بالصافي بعد إخراج كافة المصروفات على الأقل 50% فهذا يعني أن المصنع أو الشركة تستطيع إدامة نفسها فقط، أما إذا كانت أقل من هذه النسبة معناها أنها في خسارة ومحمكوم عليها بالإفلاس والفشل. لأن الربح المعمول في الشركات على الأقل 100%. بعد إخراج كافة مصروفات الشركة.
ومثل ذلك نسبة نجاح الطالب في الإمتحانات عليه أن يحصل على الأقل 50%، فالذي لم يحصل هذه الدرجة يكون جزاءه هو الرسوب في الدروس. ولله المثل الأعلى في تصوير المؤمن العامل والناجح عند تطبيق أوامر الله تعالى وقوانينه. يحصولون على الفلاح والنجاة.
ومثل ذلك والدول والبلدان إذا آمنت بالله تعالى وطبقت أوامره أكثر من نصف عبادهم، يكونوا من القرية الصالح أهلها ويستحقون كل الخير والآمان، وإلاّ فلا فيعذبهم الله العذاب الأكبر. كما فسق إبليس وفرعون هامان ونمرود وغيرهم من قبلهم فطردهم من رحمته ولعنهم إلى يوم القيامة.

كيف يستطيع الإنسان من الوصول إلى رضاء الخالق:

1ـ وضع برامج ومنهج في كيفية إجراء العبادات والعمل الصالح بشكلها الصحيح، وأن يكون حجتنا ومصدرنا القرآن والسنة والمصادر الموثوقة.
2ـ الإجتهاد والسعي بكل ما في وسعه. كما قال تعالى (لايكلف الله نفساً إلاّ وسعها لها ما كسبت وعليها ما إكتسبت) . لأن الوصول إلى السلعة الغالية أي الجنة ليست سهلة.
3ـ إن أمكن الإلتزام بشيخ أو عالم أو مرشد جليل وموثوق، فيتعلمون ما لم يستطعيعوا تعلمهُ من دقائق العلوم والأمور، ثم يكتمل نواقصهم بقدر ما، وبعدها يسهل عليهم التقدم والإبداع. فللأستاذ والمرشد دور مهم في تسهيل وتعليم الأمور الأساسية للمواضيع بشكلها الصحيح.
وقد يظهر مرشدون منافقون وحذار من أن نصدقهم لأنهم يعلمون طلابهم التفرقة القومية والطائفية والمذهبية، كما هذا شيء محرم في ديننا الإسلامي ثم ليس من أخلاق وصفات المرشد الجليل.

كتب التّصوّف والأخلاق:

1ـ مدخل إلى التصوف الإسلامي ـ للدكتور أبو الوفاء التفتازاني. 2ـ تبليس إبليس ـ لإبن الجوزي. 3ـ مدارج السالكين ـ لإبن قيم الجوزية. 4ـ كتب ورسائل ـ للشيخ إبن العربي. 5ـ مثنوي ـ لجلال الدين الرومي. 6ـ قوت القلوب ـ لأبي طالب المكي. 7ـ كتب الحارث المحاسبي. 8ـ مفتاح القلوب ـ لمحمد نوري أفندي. 9ـ فصوص الحكم، الفتوحات المكية ـ لإبن عربي. 10ـ المتفرقات المأثورة عن الجنيد البغدادي والشبلي ومالك بن دينار وأبي يزيد البسطامي. 11ـ حقائق عن التصوف ـ لعبد القادر عيسى. 12ـ تصفية القلوب ـ للإمام يحيى اليماني الدّمار. 13ـ الصوفية في الهماهم ـ للمطاوي. 14ـ رسائل المسترشدين ـ لعبد الفتاح أبو غدة. 15ـ شرح نازل السّائرين ـ لعفيف الدين التلمساني. 16ـ إحياء علوم الدين ـ للإمام الغزالي. 17ـ رسائل ـ لإبن عربي. 18ـ حلية الأولياء ـ للأصبهاني. 18ـ جامع كرامات الأولياء ـ للإمام يوسف بن إسماعيل النبهاني. 19ـ منهاج القاصدين ـ للإمام إبن الجوزي. 20ـ مختصر منهاج القاصدين ـ للإمام أحمد محمد بن قدامة القدسي.

والله ولي التوفيق
__________________
(إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء إنما أمرهم الى الله ثم ينبؤهم بما كانوا يفعلون) صدق الله العظيم.
Category: 0 komentar

0 komentar:

Posting Komentar